يعد التمكين الوظيفي فلسفة إدارية جديدة تهدف إلى منح بعض الموظفين السلطة والقدرة على التحكم واتخاذ القرارات في بعض المواقف المحدودة، والهدف منها توزيع المسؤوليات والمهام على نخبة من الموظفين المتميزين أصحاب الخبرات والكفاءات، ولكن يجب إتباع هذه السياسة ضمن إطار وخطة ممنهجة ومدروسة لضمان النجاح وعدم الفشل بسبب تمكين الموظفين بطريقة عشوائية.
وسنتحدث في هذا المقال عن مفهوم التمكين الوظيفي، وماهي الشروط لضمان نجاح عملية التمكين، وماهي فوائد التمكين الوظيفي على المؤسسة والأفراد، وما هي التحديات التي تواجهها المؤسسة في تطبيق التمكين الوظيفي وكيف تتغلب عليها.
مفهوم التمكين الوظيفي
يكمن مفهوم التمكين في إعطاء الموظف القدرة والأدوات لإتخاذ قرارات مستقلة ضم مجال عمله، ويجب تقديم الدعم الكافي والحرية في اتخاذ القرارات لضمان النجاح، و يجب اختيار الموظفين بعناية كبيرة، و يجب تقديم الدورات التدريبية لكل موظف حسب حاجته، ومن أهم هذه الدورات دورة مهارات التواصل، واتخاذ القرارات، والقيادة، ودورة متخصصة في مهارة الخطابة.
شروط النجاح في التمكين الوظيفي
لتحقيق النجاح والاستمرارية في هذه العملية يجب توفر الشروط التالية.
التزام القيادة العليا
تلعب القيادة العليا دوراً محورياً في نجاح عملية التمكين، وذلك من خلال الدعم المستمر والإرشاد، وتوفير الموارد اللازمة لهذه العملية، وتشجيع ثقافة المشاركة العامة، ويجب على القادة أن يؤمنوا بقدرات موظفيهم وتشجيعهم لإتخاذ القرارات بأنفسهم.
تحديد الأهداف
يجب أن تكون الأهداف واضحة ومفهومة، بحيث يفهم الموظفين أدوارهم ومسؤولياتهم وكيفية المساهمة بأفضل طريقة ممكنة، ومن الضروري تقليل الغموض في الرؤية الاستراتيجية المستقبلية، وتعزيز تركيز الموظفين لتحقيق الأهداف بأسرع وقت ممكن.
التواصل الفعال والشفافية
يجب الحرص على وجود قنوات تواصل مفتوحة بين الإداريين والموظفين، ويجب أن تتميز هذه القنوات بالشفافية والوضوح لضمان تبادل المعلومات والملاحظات بشكل مستمر، ويجب الحرص على وجود قنوات تواصل بين الفرق والإداريين بين بعضهم، وذلك لضمان سير خطة العمل، فالتواصل المفتوح يعزز من الثقة بين الموظفين ويقلل من سوء الفهم.
تشجيع الاستقلالية و الاعتراف بالإنجازات
من الضروري منح الموظفين السلطة لاتخاذ القرارات بأنفسهم، وهذا ما يعزز من شعور الثقة عند الموظفين، و الإستقلالية تشجع الموظفين على الابتكار و التفكير الإبداعي و تحمل المسؤولية، ومن الضروري تقدير جهود الموظفين و الإعتراف بإنجازاتهم مما يعزز من رضاهم الوظيفي و تحفيزهم بشكل مستمر، يمكن أن يكون الإعتراف بهذه الإنجازات من خلال تقديم المكافآت.
إشراك الموظفين في اتخاذ القرارات
من الضروري إشراك الموظفين في عملية صنع القرار، فهي تعزز من شعور الثقة والإنتماء عند الموظفين، والمشاركة العامة الفعالة تساعد على تحسين جودة القرارات وزيادة الالتزام في تنفيذ القرارات، من الضروري أن يشعر الموظفون أن الإدارة تثق بقدراتهم وقراراتهم، فبناء الثقة يتطلب التواصل المستمر والشفافية في التعامل.
تعرف على: دورات الموارد البشرية، شؤون الموظفين والتدريب
فوائد التمكين الوظيفي على المؤسسة والأفراد
فوائد التمكين الوظيفي متعددة وتؤثر بشكل مباشر على المؤسسة والأفراد معاً، وعندما يتم تطبيقها بشكل صحيح وفعال فهي ستساهم بشكل إيجابي على بيئة العمل، وتحسين في الأداء العام، كما أنها سبب رئيسي لزيادة نسبة الرضا الوظيفي و انتماء الموظفين للمؤسسة، فهي تعمل على تشجيع الموظفين لتقديم أفضل مالديهم.
تحسين جودة الأداء
عندما يتم منح الموظفين فرصة التمكين هذا يعزز من ثقتهم، ويصبحون قادرين على اتخاذ قرارات مستقلة ناجحة، كما أن التمكين يرفع من نسب الحماس عند الموظفين، ويشجعهم على التفكير بطريقة إبداعية لحل المشاكل والعقبات خلال العمل، وهذا ينعكس بشكل إيجابي على ىيئة العمل وجودة الأداء.
التعزيز من فكرة العمل الجماعي
فهو يعزز من فكرة بناء العلاقات المهنية القوية بين الموظفين وبين الموظف والمدير، وبيئة العمل التي تحتوي بداخلها على نزاعات بين موظفيها بيئة سيئة وهذا سيؤثر سلباً على خطة سير العمل، فعندما تمتلك فريق متعاون مكون من موظفين مسؤولين عندها ستتمكن من تحقيق الأهداف والنجاح، فالمؤسسة التي تقوم بمجهود جماعي متعاون مؤسسة ناجحة ولن تتأثر بغياب أحد الموظفين.
التقليل من خطورة المنصب الإداري
إن عملية التمكين الوظيفي تعزز من مهارات القيادة عند الموظفين، وهذا يساعد المؤسسة بشكل كبير على إظهار البدلاء الناجحين للمناصب الإدارية الحساسة، فإن ظهرت حالة غياب مفاجئ لأي موظف إداري سوف تتمكن المؤسسة من تعيين موظف بديل عنه يؤدي المهام بإحترافية عالية.
التحديات التي تواجه المؤسسات عند تطبيق التمكين الوظيفي
إن تطبيق التمكين الوظيفي داخل المؤسسة مسألة معقدة تواجه العديد من التحديات التي تعيق من تحقيق الأهداف، ولكن يمكن التغلب عليها من خلال تطبيق بعض الاستراتيجيات المدروسة بعناية لتخطي مثل هذه التحديات.
مقاومة التغيير
هناك بعض الموظفين أو الإدارات تقام هذه التغيرات، وذلك بسبب خوفهم من فقدان السيطرة، ويتم ذلك من خلال توفر البدلاء المتدربين بشكل صحيح، أو أنهم يقاومون هذه التغيرات بسبب عدم ثقتهم بالنظام الإداري الجديد، ويتم حل هذه المشكلة من خلال نشر ثقافة وفوائد عملية التمكين الوظيفي، وإشراكهم في عملية التغيير وصناعة القرار لضمان تقبلهم لهذه السياسات الجديدة.
نقص التدريب والكفاءات عند الموظفين
والسبب الرئيسي في هذه المشكلة هو أن النظام الإداري القديم لا يوفر الفرص والدورات التدريبية لكافة الموظفين، مما يخلف فجوة كبيرة تمنع نجاح عملية التمكين الوظيفي، ويتم معالجة هذه المشكلة من خلال صناعة قنوات تواصل فعالة بين الموظفين، وإقامة اجتماعات مستمرة لمناقشة الثغرات الموجودة عندهم، ويجب تنظيم برنامج تدريبي لكافة الموظفين على حسب حاجتهم العلمية.
التردد والخوف من اتخاذ القرارات
قد يخشى الموظفين من الفشل و اتخاذ القرارات الخاطئة، هذا بسبب غياب التفكير الإبداعي والعمل بطريقة روتينية اعتيادية بشكل يومي، ويمكن حل هذه المشكلة من خلال تعزيز ثقافة تقبل الأخطاء، وتقديم الدعم النفسي لتشجيع الموظفين على التفكير بطريقة إبداعية، ومن الضروري تقديم النقد البناء والملاحظات التي ترفع من ثقة الموظف بنفسه.
عدم التقييم والمتابعة
فهي من أخطر التحديات التي تواجه عملية التمكين الوظيفي، وهذا بسبب عدم وجود أليات لتقييم نجاح عملية التمكين، وبسبب عدم مراجعة النتائج بشكل مستمر ودوري من قبل الإداريين، ويتم حل هذه المشكلة من خلال وضع مؤشرات ونسب تقييم واضحة لهذه العملية، ويجب مراجعة النتائج بشكل مستمر وإجراء التعديلات اللازمة على الخطة.
التركيز على النجاح الفردي
قد يقوم الموظف بالتركيز بشكل مباشر على نجاحاته الشخصية بدلاً من نجاح الفريق، وهنا سوف تبدأ منظومة العمل الجماعي بالانهيار من خلال الوقوع بالأخطاء الفردية بسبب غياب التركيز على النجاح المشترك، ويمكن معالجة هذه المشكلة من خلال تقديم المكافآت الجماعية، وتعزيز ثقافة العمل الجماعي المشترك، واعتراف الإدارة بالإنجازات التي حققها الفريق.
وفي الختام يمكن القول بأن عملية التمكين الوظيفي عملية استراتيجية تساهم بشكل فعال في تعزيز قدرات الموظفين وتحقيق النجاح للمؤسسة، من خلال توزيع المهام و المسؤوليات على جميع الموظفين، ومن خلالها يمكن بناء بيئة عمل إيجابية تُحفر على الإبتكار وتعزز من مفهوم التعاون وتشارك النجاح، كما أنها تؤثر بشكل إيجابي في تحسين صورة وسمعة المؤسسة.
في مركز الأداء المتوازن للتدريب، نؤمن بأن التمكين الوظيفي هو مفتاح النجاح لأي مؤسسة تتطلع إلى التطوير المستدام. نقدم لكم برامج تدريبية متخصصة تعزز مهارات القيادة والاستقلالية، مما يضمن أداءً عالي الجودة وبيئة عمل محفزة.
الأسئلة الشائعة
ماهي أنواع التمكين الوظيفي الإداري؟
تتعدد أنواع التمكين الوظيفي بشكل كبير، ولكن يمكن تقسيم أنواع التمكين الوظيفي الإداري إلى نوعين أساسيين، النوع الأول وهو التمكين الممنوح والرسمي، ويتم في هذا النوع تمكين الموظف بشكل رسمي من خلال قرار إداري، و النوع الثاني هو التمكين المكتسب الاعتباري وفي هذا النوع يتم تمكين الموظف بناءً على خبراته وقدراته بسبب غياب أحد الموظفين الإداريين بشكل مفاجئ.
كيف تؤثر عملية التمكين الوظيفي على تحسين خدمة العملاء؟
عندما يتم تمكين الموظفين بطريقة فعالة، هذا يعزز من ثقتهم بنفسهم ويشجعهم على تقديم الخدمات للعملاء بأفضل شكل ممكن، و عندما يتم تمكين الموظفين في خدمة العملاء وتسليمهم السلطة لاتخاذ القرارات، فهذا يؤدي إلى تقليل الوقت اللازم لحل مشاكل العملاء مما يعزز من رضا العملاء بالمؤسسة.
اقرأ ايضاً: التدريب المؤسسي: أداة تطوير الكفاءات وتحقيق الأهداف الاستراتيجية